بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاسماك المضيئة
الأسماك على اختلاف أنواعها وأشكالها حيوانات مائية تحورت أجسامها بشكل خاص يساعدها على المعيشة الدائمة في الماء. وهى في مجموعها تمثل عالما من الكائنات الحية، يعيش بعضه في المياه العذبة من أنهار وترع وبحيرات، ويعيش بعضه الآخر في مياه البحار والمحيطات المالحة، وقليل منه يعيش في المياه العذبة والمالحة على السواء.
ويقدر عدد أنواع الأسماك المعروفة في العالم بحوالي 24 ألف نوع، يعيش حوالي 60% منها في المياه المالحة. وتستوطن أسماك المياه المالحة مختلف مستويات عمق الماء، من المناطق القريبة من سطح الماء إلى أعماق البحر.
***
مصابيح إحيائية للإضاءة تحت الماء:
تتكيف الأسماك مثل سائر الكائنات الحية، مع البيئة التي تعيش فيها. فالأسماك التي تعيش في الأعماق السحيقة من المحيطات المظلمة تمتاز بمقدرتها على توليد الضوء الذي يعرف بالضوء البارد، أي الضوء الذي لا يصاحبه توليد أي حرارة، وذلك بواسطة أعضاء خاصة تدعى «حاملات الضوء»، وهذه الأعضاء عبارة عن مصابيح صغيرة بسيطة التركيب، لكنها على درجة عالية من الكفاءة، حيث تتركب من قرنية شفافة تتلوها عدسة، ثم عاكس مقعر عبارة عن نسيج خاص يقابل شبكية العين هو المسئول عن توليد الضوء، كما تقوم القرنية والعدسة بتجميع هذا الضوء قبل أن ينبثق خارج جسم السمكة.
وتختلف أعضاء الإضاءة في هذه الأسماك من حيث العدد والتوزيع والتعقيد. وغالبا ما توجد على جانبي الحيوان، أو على بطنه، أو رأسه، ونادراً على سطحه العلوي. وتعتبر قدرة هذه الأسماك على توليد الضوء إحدى عجائب خلق الله في الطبيعة. وقد يكون هذا الضوء باهتا يصدر بشكل متقطع من وقت لآخر، أو قد يكون مبهراً مستمراً. وتعيش هذه الأسماك على أعماق تتفاوت من 1000 إلى 4000 متر تحت سطح البحر، ولذلك يطلق عليها. أسماك الأعماق أو أسماك القاع.
***
كيف نتعرف على الأسماك المضيئة من شكلها؟
تتميز معظم الأسماك المضيئة بلونها الداكن. فهي إما سوداء أو بنية داكنة أو بنفسجية مسودة، وليس لها بريق إلا القليل. وأجسامها عديمة القشور أو تحتوي على القليل منها. وبصورة عامة تكون أجسام هذه الأسماك رخوة لينة، حيث تكون العظام والعضلات فيها ضئيلة ضعيفة التكوين. ومن الصفات الأخرى المهمة المميزة لكثير من هذه الأنواع من الأسماك اتساع الفم ووجود الأسنان الطويلة على الفكين.
ومن بعض هذه الاسماك :
ديك البحر المضيئ
توجد هذه السمكة في مياه البحيرات الشاطئية الضحلة والشعاب المرجانية، وهي تتصف بإحتوائها على جهاز متطور لإفراز السموم يتصل بأشواكها، ويتسبب وخز أشواك السمكة في إحداث ألم شديد وإنتفاخ موضع الوخز وفي الحالات التي يتفاقم فيها الأمر تضطرب نبضات القلب وتحدث متاعب في التنفس وتشنج وقد ينتهي ذلك بالشلل.ويمكن إيقاف مفعول السم يغمر الجزء المصاب فورا في مياه حارة لمدة 30 دقيقة وإعطاء المصاب حقنة ضد التيتانوس.
سمك الشص
مجموعة أسماك الشص تعيش على عمق أكثر من 2000 متر:
تعمد بعض الأسماك التي تعيش في أعماق البحار إلى التربص والترصد لفرائسها، كما تفعل سمكة الشص الشائعة التي تقطن المياه الضحلة. ويبلغ عدد أنواع أسماك الشص التي تعيش في قاع البحار مائة نوع تقريبا. وتوجد هذه الأسماك بوفرة في الأعماق التي تصل إلى 2000 متر تحت سطح البحر. ومن أمثلتها أسماك الشص التابعة لجنس ميلانوسيتاس وهى أسماك صغيرة الحجم قبيحة الشكل ذات أفواه ضخمة ومَعِدَات قابلة للاتساع مكونة ما يشبه «الكروش»، وهى غالباً ما تكون كروية الشكل عرضها بقدر طولها. ويبلغ طول الرأس فيها ثلث طول الجسم. وهى بشكل عام سود اللون لا تغطي أجسامها القشور، وعيونها صغيرة ضعيفة التكوين، وفكوكها مزودة بأسنان طويلة، شبيهة بالأسلاك أو المسامير، وتعمد السمكة إلى طيها إلى الداخل عندما تغلق فمها. وهذه الأسنان القابلة للطي تسهل دخول الفريسة إلى فم السمكة الشص.
وعلى الرغم من أن بعض هذه الأسماك ينمو ليصل إلى حوالي المتر طولا إلا أن معظمها لا يزيد طوله عادة عن بضع سنتيمترات. وقدرتها على السباحة ضعيفة، وهى تتربص في المياه المظلمة الساكنة في انتظار وجبة غذاء تمر بها، ولها شوارب مضيئة تتدلى من ذقونها. ومن أبرز صفاتها، عضو الصيد الذي تستخدمه، الذي ينتهي عادة بنوع من أنواع الأعضاء الضوئية التي تشبه حيواناً قشرياً مغرياً، أو لقمة شهية تجتذب الفريسة غير الحذرة التي تظنها وجبة سهلة فتتقدم لالتقاطها لتصبح هي الضحية.
أنواع تستخدم بكتريا مضيئة
وهناك حالات أخرى تشمل أسماكا لم تنشأ لها أعضاء ضوء خاصة بها فجعل الله لها فوق مناطق معينة من جسمها مساكن ملائمة تقطنها أنواع من البكتريا المضيئة. فالسمكة المعروفة باسم «فوتوبليفارون» لها بقعة من هذه البكتريا أسفل كل عين. وعندما تريد السمكة أن تطفئ ضوءها تعمد إلى إسدال طيه من الجلد على تلك البقعة المضيئة.
والشيء المدهش من أمر هذه الأدوات المضيئة هو ظهورها على نطاق واسع بين الكائنات البحرية. فحتى مصابيح حاملات الضوء الصغيرة نجدها قد خلقها الله بتصميمات متشابهة إلى حد كبير في أنواع مختلفة من الحيوانات كالأسماك والجمبري والحبار وبعض أنواع الجوفمعويات مثل قناديل البحر، وبعض الديدان والكثير من أنواع الحشرات وبعض الأوليات الحيوانية.
أضواء للإنارة أو للتعارف والتزاوج
من الواضح أن بعض هذه الأسماك تستخدم أضواءها لترى بها الأشياء. فهناك مثلا أنواع معينة من الأسماك لها أعضاء مضيئة تقع في مواقع معينة بالنسبة للعينين بحيث يصبح مجال الرؤية مضاءً لمسافات قصيرة على الأقل. فمثلا لإحدى الأسماك الستوماتويدية القدرة على إلقاء حزمة من ضوء أزرق قوي لمسافة تبعد عن جسمها بمقدار 60 سم. إلا أن أكثر مواقع أعضاء الإنارة التي تميز حاملات الضوء هي على الجهة البطنية للحيوان، الذي تنظر عيناه في اتجاه مخالف، بل ومضاد لاتجاه الضوء أحيانا. ومن المحتمل. أن مثل هذه الأضواء تشكل أنماطا مميزة يتعرف بواسطتها أفراد النوع الواحد بعضها على البعض الآخر. ولا شك أن هذا العامل يفيد لأغراض التزاوج، ولكي يتجنب أفراد النوع الواحد افتراس بعضها للبعض الآخر.
وفي كثير من الحالات، تبدو فائدة الضوء بالنسبة لبعض الأسماك واضحة. فهي قد تعتبر وسائل لاجتذاب الفرائس أو للدفاع أو لتمكين الحيوان من الرؤية في ظلمات الأعماق، والتفتيش عن الغذاء أو الهرب من الأعداء فسبحان من خلق فسوى وأبدع الخلقة.